فصل: حكم غسل الميت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.3- صفة غسل الميت:

.حكم غسل الميت:

غسل الميت، وتكفينه، وحمله، والصلاة عليه، ودفنه، كل ذلك فرض كفاية، إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط الإثم عن الباقين، وفي كل ذلك أجر عظيم.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ». متفق عليه.

.من يُغسِّل الميت:

السنة أن يغسل الميت أعرف المسلمين بسنة الغسل، الرجل يغسل الرجال، والمرأة تغسل النساء.
ولمن غسل الميت أجر عظيم إذا قصد بذلك وجه الله، وستر على الميت، ولم يحدِّث بما رآه منه من مكروه.
عند المشاحة الأولى بغسل الرجل وصيَّه، ثم أبوه، ثم جده، ثم الأقرب فالأقرب من عصبته، والأَوْلى بغسل المرأة وصيتها، ثم أمها، ثم جدتها، ثم الأقرب فالأقرب وهكذا.
يجوز لكلٍّ من الزوجين أن يغسل أحدهما الآخر.
يجوز للرجل والمرأة غسل من له دون سبع سنين ذكراً كان أو أنثى.
إذا مات رجل بين نسوة، أو ماتت امرأة بين رجال، أو تعذر غسله فإنه يكفن بلا غسل ولا وضوء ولا تيمم، ثم يصلى عليه.

.صفة غسل الميت:

إذا أراد المسلم غسل الميت فالسنة أن يفعل ما يلي:
أن يجرد الميت من ثيابه، ويضع على عورته سترة.
أن يلتزم الرفق في أعمال الغسل كلها.
أن يحضر مع الغاسل من يعينه على الغسل فقط.
إذا وضعه على سرير الغسل، رفع رأسه إلى قرب جلوسه، ثم عصر بطنه برفق ليخرج إن كان في بطنه شيء.
ثم يلف على يده خرقة من قفاز ونحوه، ثم يصب عليه الماء وينجِّيه.
ثم ينوي غسله، ويوضئه كوضوء الصلاة، ولا يُدخل الماء في فيه ولا أنفه.
ثم يغسله بالماء والسدر أو الصابون، يبدأ برأسه ولحيته، ثم يغسل شقه الأيمن من صفحة العنق اليمنى إلى قدمه اليمنى.
ثم يصنع بالجانب الأيسر مثل ما صنع بالأيمن بعد أن يقلبه.
ثم يغسله مرة ثانية وثالثة مثل الغسل الأول، فإن لم يُنق زاد حتى يُنقي وتراً، ويجعل في الغسلة الأخيرة مع الماء كافوراً أو طيباً إلا أن يكون الميت مُحْرماً فلا يُمس طيباً.
يمشط الرأس، ويضفر رأس الميتة ثلاث ضفائر، ويُجعل من ورائها، ثم ينشَّف بعدا لغسل بما تيسر من قماش ونحوه.
وإن خرج من الميت شيء بعد الغسل غسل المحل وحشاه بقطن ونحوه؛ لئلا يتلوث، ويجوز غسل الميت مرة واحدة تعم جميع بدنه، لكن الأفضل ما سبق.
عَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُنَّ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا». متفق عليه.
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْراً، ثَلاَثاً أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً، أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا. متفق عليه.

.حكم غسل الشهيد:

الشهيد الذي لا يغسَّل هو من قُتل في سبيل الله، أو مات بسبب قتال الكفار في المعركة، وما سواه من الشهداء يغسل كغيره.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذاً لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ القِيَامَةِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. أخرجه البخاري.

.حكم غسل المحرم:

من أحرم بحج أو عمرة ثم مات وهو محرم فإنه يغسَّل، ويكفن في ثوبيه، ولا يُمس طيباً، ولا يغطى رأسه، ولا يكمل عنه نسكه.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ، أوْ قَالَ: فَأوْقَصَتْهُ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلا تَمَسُّوهُ طِيباً، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلا تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً». متفق عليه.

.حكم غسل من أحرقته النار ونحوه:

إذا اجتمع مسلمون وكفار وماتوا بحرق ونحوه، ولم يمكن تمييزهم فإنهم يغسلون، ويكفنون، ويصلى عليهم، ويدفنون بنية المسلمين منهم.
من تعذر غسله لفقد الماء، أو خيف من غسله أن يتهرى لحرق ونحوه فإنه يكفن ولا يُيمم، فإن أمكن غسل المحترق ونحوه وجب غسله.

.حكم غسل السقط:

السقط إذا نزل من بطن أمه له ثلاث حالات:
الأولى: أن ينزل من بطن أمه حياً ثم يموت، فهذا تكون أمه به نفساء، ويغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن.
الثانية: أن ينزل من بطن أمه ميتاً قد تبيَّن فيه خلق إنسان، فتكون أمه نفساء، ويغسل ويصلى عليه كما سبق.
الثالثة: أن يسقط من بطن أمه ولم يتبين فيه خلق إنسان، فهذه نطفة توارى بالتراب، والمرأة التي سقط منها إن رأت الدم فهو حيض، فإن استمر فهو استحاضة وليس بنفاس، ومتى طهرت اغتسلت وصلت.

.حكم غسل الكافر:

ليس للمسلم أن يغسل قريبه الكافر، ولا يكفنه، ولا يصلي عليه، بل عليه أن يواريه بالتراب في حفرة من الأرض.
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: «اذهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ ثمَّ لاَ تُحْدِثنَّ شَيْئاً حَتَّى تَأْتِيَنِي». فَذهَبْتُ فَوَارَيْتُهُ وَجِئْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ وَدَعَا لِي. أخرجه أبو داود والنسائي.

.حكم غسل بعض الميت:

المسلم يغسل ويصلى عليه، فإن لم يوجد إلا بعضه فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، وينوي بالصلاة عليه الصلاة على جميع جسده وروحه.
العضو المقطوع من المسلم الحي بأي سبب لا يجوز إحراقه، ولا يغسل، ولا يصلى عليه، بل يلف في خرقة ويدفن في المقبرة.

.4- صفة تكفين الميت:

.حكم تكفين الميت:

يجب تكفين الميت من ماله، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته من الأصول والفروع.
وتكفين الميت فرض كفاية، إذا قام به من علم به سقط الإثم عن الباقين.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً». متفق عليه.

.صفة كفن الرجال والنساء:

السنة أن يكفن الميت في ثلاثة أثواب بيض.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا، أَنَّ رَسُولَ كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ، بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. متفق عليه.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «البَسُوا مِنْ ثِيَابكُمُ البَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ». أخرجه أبو داود والترمذي.
ويسن أن يكون الكفن طويلاً يستر جميع بدن الميت بلا إسراف.
عَنْ جَابِر بن عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْماً، فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلاً، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلا أنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ». أخرجه مسلم.
أن يكون أحد الأثواب ثوب حِبَرة وهو المخطط.
عَنْ جَابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «إِذا تُوُفِّيَ أَحَدُكُمْ فَوَجَدَ شَيْئاً فَلْيُكَفَّنْ فِي ثوْبٍ حِبَرَةٍ». أخرجه أبو داود.
تبخير الكفن ثلاثاً إلا كفن المحرم.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَجْمَرْتُمُ المَيِّتَ فَأَجْمِرُوهُ ثَلاَثاً». أخرجه أحمد.
يجوز أن يكفن الميت في ثوب واحد، أو قميص واحد، ويجوز أن يكفن في قميص وثوب، ويكون القميص مما يلي الجسد.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَالله بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ، فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ. أخرجه متفق عليه.
المرأة كالرجل في صفة الكفن والتكفين.

.صفة تكفين الميت:

السنة أن يكفن الرجل أو المرأة كما يلي:
يسن أن يكفن الميت في ثلاث لفائف بيض جديدة، تجمّر بالبخور ثلاثاً، ثم تُبسط بعضها فوق بعض، ويُجعل الحنوط-وهو أخلاط من الطيب- فيما بين اللفائف.
ثم يوضع الميت على اللفائف مستلقياً على ظهره، ويُجعل من الحنوط في قطن بين أليتيه، ثم يشد فوقه خرقة على هيئة سروال صغير يستر عورته، ويطيّب ذلك مع سائر بدنه.
ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن، ثم يرد طرفها الأيمن على الجانب الأيسر فوقها، ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة كذلك.
ثم يجعل الفاضل عند رأسه، أو عند رأسه ورجليه إن زاد.
ثم يعقد الجنازة عرضاً بأحزمة؛ لئلا تنتشر اللفائف، ثم تُحل في القبر، والمرأة كالرجل في ذلك.
ويكفن الصبي في ثوب واحد، ويجوز في ثلاثة أثواب.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ، بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ. متفق عليه.

.حكم تكفين الميت بما يستر بعضه:

يجوز تكفين الميت بثوب واحد يستر جميع بدنه، والأفضل بثلاثة أثواب، فإن لم يجد إلا ما يواري بعض جسده غطى الرأس مع ما استطاع من الجسد، وغطى الباقي بما استطاع من نبات الأرض كالإذخر ونحوه.
عَنْ خَبَاب رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَلْتَمِسُ وَجْهَ الله، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى الله، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئاً، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدِبُهَا، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلاَّ بُرْدَةً، إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ. متفق عليه.

.حكم تجهيز الكفن قبل الموت:

يجوز للمسلم تجهيز كفنه قبل موته.
عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا، أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجاً إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا، قَالَ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجاً إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ، قَالَ: إِنِّي وَالله، مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهَا، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ. أخرجه البخاري.

.صفة تكفين الشهيد:

السنة أن يكفن الشهيد في ثيابه التي قُتل فيها، ويُدفن وهي عليه، ويسن تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه إن تيسر.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ ثعْلَبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: «زَمِّلُوهُمْ بدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ فِي الله إِلاَّ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ يَدْمَى لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ المِسْكِ». أخرجه أحمد والنسائي.

.صفة تكفين المحرم:

المحرم إذا مات يكفن في ثوبيه الذي مات فيهما، ولا يُمس طيباً، ولا يُغطى رأسه ولا وجهه إن كان رجلاً، فإن كان امرأة كشف وجهها إلا إن كانت بحضرة رجال أجانب فيغطيه.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ رَجُلاً خَرَّ مِنْ بَعِيرِهِ، فَوُقِصَ، فَمَاتَ، فَقَالَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً». متفق عليه.

.5- حمل الجنازة واتباعها:

.حكم حمل الجنازة واتباعها:

حمل الجنازة واتباعها فرض كفاية على الرجال، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وهو حق من حقوق الميت على إخوانه المسلمين.
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ. وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ. متفق عليه.
وَعَنِ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ». متفق عليه.

.فضل اتباع الجنائز:

يسن للرجال دون النساء اتباع الجنائز، واتباعها له حالتان:
اتباعها من عند أهلها حتى الصلاة عليها.
اتباعها من عند أهلها حتى يُفرغ من دفنها، وهذا أفضل وأكثر أجراً.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ» قِيلَ:
وَمَا القِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ». متفق عليه.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمُ اليَوْمَ صَائِماً؟». قالَ أبُو بَكْرٍ: أنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ اليَوْمَ جَنَازَةً؟» قال أبُو بَكْرٍ: أنَا، قال: «فَمَنْ أطْعَمَ مِنْكُمُ اليَوْمَ مِسْكِيناً؟». قال أبُو بَكْرٍ: أنَا، قال: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ اليَوْمَ مَرِيضاً». قال أبُو بَكْرٍ: أنَا، فَقَالَ رَسُولُ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلا دَخَلَ الجَنَّةَ». أخرجه مسلم.

.حكم اتباع النساء للجنائز:

يسن للنساء الصلاة على الجنائز، ويحرم عليهن اتباعها إلى المقابر.
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. متفق عليه.

.حكم اتباع الجنازة بما يخالف الشرع:

السنة أن يحمل الرجال الجنازة إلى المقبرة سكوتاً، خاشعين لربهم، متفكرين في هول الموت والحساب بعده.
لا يجوز أن تتبع الجنازة بما يخالف الشرع من الأقوال والأفعال كرفع الصوت بالبكاء، ورفع الصوت بالذكر، أو القراءة، وإيقاد النار، واتخاذ المجامر والبخور، وحمل الزهور ونحو ذلك.
وكل ذلك وأمثاله من البدع التي حسَّنها الشيطان لأتباعه.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالتْ: قالَ رَسُولُ: «مَنْ أحْدَثَ فِي أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه.
يجوز تغطية نعش المرأة بأضلاع يُجعل فوقها قماش يستر بدن المرأة عن الرجال أثناء الحمل والصلاة.

.من يحمل الجنازة:

السنة أن يحمل الرجال الجنازة على أعناقهم مع جميع جوانب السرير.
أما النساء فلا يشرع لهن حمل الجنازة؛ لضعفهن، وعدم صبرهن، ولما يُتوقع منهن من الصراخ عند حمله ووضعه، ولما في ذلك من الفتنة لهن وبهن.
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ قَالَ: «إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ». أخرجه البخاري.

.حكم الإسراع بالجنازة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». متفق عليه.

.صفة المشي مع الجنازة:

يسن للرجل أن يمشي أمام الجنازة وخلفها، وعن يمينها ويسارها، وخلفها أفضل.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَ الجِنَازَةِ. أخرجه ابن ماجه.
وَعَنْ عَبدالله بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ رَسُولُ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَ الجِنَازَةِ. أخرجه أحمد.
والراكب يسير خلف الجنازة، وأفضل منه الماشي، أما الركوب بعد الانصراف من المقبرة فجائز.
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الجَنَازَةِ وَالمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيباً مِنْهَا وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ». أخرجه أبو داود والترمذي.
وَعَنْ ثوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ أُتِيَ بدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ الجَنَازَةِ فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بدَابَّةٍ فَرَكِبَ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: «إِنَّ المَلاَئِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي فَلَمْ أَكُنْ لأرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ فَلَمَّا ذهَبُوا رَكِبْتُ». أخرجه أبو داود.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِفَرَسٍ مُعْرَوْرىً، فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جَنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ، وَنَحْنُ نَمْشِي حَوْلَهُ. أخرجه مسلم.